منتــدى العـونــة الـرســمي - أيام العرب قبل الإسلام في عالية نجد (الدوادمي)

أيام العرب قبل الإسلام في عالية نجد (الدوادمي)

شهدت منطقة وسط الجزيرة العربية وخاصة منطقة الدوادمي ، أحداثاً تاريخية كثيرة وقعت بين قبائل المنطقة نفسها أو مع قبائل أخرى من خارجها ، ونشبت بينهم خلافات لأسباب متعددة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ، وعرفت تلك الأحداث في الكتب والمصادر المبكرة بأيام العرب . وقد أفردت مؤلفات خاصة لبعض تلك الأيام .
ومن أشهر تلك الأيام بالمنطقة:

يوم شعب جبلة :

تقع جَبَلَةْ في شمال غرب الدوادمي ، وهي هضبة كبيرة احتضنت في شعبها يوم عظيم عرف باسمها . ويوم شعب جبلة هي معركة وقعت بين بني عامر وحلفائها من عبس بن بغيض، وبين بني تميم وحلفائها من بني فزارة وذبيان وأسد وغيرها.
ومن الباحثين من يرى أن يوم جبلة يعد من أعظم أيام العرب وأذكرها وأشدها ، وكان حدوثه قبل الإسلام بحوالي 57 سنة أي حوالي سنة 553م.
وعن خبر هذا اليوم كما جاء في كتب المتقدمين ، أن بنو عامر دخلوا شعب جبلة وحصنوا النساء والذراري والأموال في رأس الجبل ، وحلثوا (منعوا) الإبل في الماء ، واقتسموا الشعب بالقداح والقرع بين القبائل في شظاياه ، ثم عمي عليهم الخبر فجعلوا لا يدرون ما قرب القوم من بعدهم.
وقد أشار بهذا الرأي عمر بن عبد الله بن جعدة من بني عامر ، حيث قال لقومه الذين اعترضوا في بادئ الأمر : نرجع إلى شعب جبلة فنحرر النساء والضعفة والذراري والأموال في رأسه ، ونكون في وسطه ، ففيه ثمل (الخصب والماء) . فإن أقام من جاءك أسفل أقاموا على غير ماء ولا مقام لهم ، وإن صعدوا عليك قاتلتهم من فوق رؤوسهم بالحجارة ، فكنت في حرز (مأمن) وكانوا في غير حرز . وكنت على قتالهم أقوى منهم على قتالك ، قالوا : هذا هو الرأي . فقال الأحوص للناس : ارجعوا ، فرجعوا.
وحينما أقبلت جموع بني تميم نحو جبلة تريد بنو عامر وبنو عبس ، أمرهم لقيط بن زرارة أن يصعدوا إليهم ، فقال شأس بن أبي حلي : لا تدخلوا على بني عامر ، فإني أعلم الناس بهم قد قاتلتهم وقاتلوني ، وهزمتهم وهزموني ، فما رأيت قوماً قط أقلق بمنزل من بني عامر ، فو الله ما وجدت لهم مثلاً إلا الشجاع ، فإنه لا يقرّ في جحره قلقاً ، وسيخرجون إليكم . لئن نمتم هذه الليلة لا تشعرون بهم إلا وهم منحدرون عليكم . فقال لقيط لندخلن عليهم فأتوهم ، وقد أخذ بنو عامر وبنو عبس حذرهم ، وجعل الأحوص ابنه شريحاً على تعبئة الناس.
ومع صبيحة اليوم التالي أقبل لقيط وأصحابه وصعدوا الجبل حيث بنو عامر، وعندها أمر الأحوص أن تحل عقل الإبل ثم يتبع كل رجل آثار بعيره– وكانوا قد منعوا الماء عن إبلهم - وتنخس بالسيوف والرماح ، فتخرج مذعورة عطشة فتشغلهم وتفرق جمعهم ، ففعلوا ثم صاحوا بها فخرجت تحطم كل شيء مرت به . وتخبطت تميم ومن معها وانحطوا منهزمين من الجبل حتى السهل ، وتفرقوا في جهات شتى فلحقهم بنو عامر وأخذوا يقتلونهم حتى انهزموا شر هزيمة .
وقال رجل من بني عامر في ذلك :

لم أر يوماً مثل يوم جبلة لما أتتنا أسد وحنظلة
وغطفان والملوك أرفلة نضربهم بقضب منتحلة

المراجع:[ياقوت الحموي:105/ ابن خميس، المجاز بين اليمامة والحجاز:101/ محمد عسيري، القبائل العربية قبل الإسلام:104-144]