[نفود السر]

فلان عوشزة ما فيها مقيل



الذَّرَا والذَّرَى عامية فصيحة تعني ما وقاك من الرياح من حائط أو شجر ونحوه. وقد جاء في مقاييس اللغة لابن فارس: (يقال أنا في ظل فلان وفي ذَرَاه أي في كنفه وستره ودفئه). (والعوشز) تسمية عامية للعَوْسَج: شجرة معمرة يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار تقريباً، واسعة الانتشار في معظم مناطق المملكة، ومما يميزها قصر جذعها حتى تبدو للناظر وكأنها بلا ساق، ولذلك لا يُستظل بها ولا تصلح لأن تكون ذرى وبخاصة أنها ذات أفرع متشابكة مليئة بالأشواك الحادة، وغالباً لا يسلم الشخص الذي يقترب منها من وخزها، وقد كان الناس ينعتون البخيل أو مَنْ يتخلي عن المستجير به بالعوشزة، فيقال في الأمثال (فلان عوشزة ما فيها مقيل)، ومن قديم الشعر الشعبي قول الشاعر الشريف جري الجنوبي:
فان كان ما تعطي والايام عدلة
فالايام لا بد عدلهن يميل
والعوشزة ما وقّع الحر فوقها
ولا به لسمحين الوجيه مقيل
ومن عجائب العوسج (العوشز) أن لعاب الإبل عندما يسقط عليها جراء رعيها يستحثها لإنماء أشواك كثيرة فتحمي نفسها من الرعي في الأعوام اللاحقة.
ومن الخرافات المتوارثة الخوف من الاقتراب من هذه الشجرة على خلفية أنها مساكن للجن، ولعل ذلك أحد الأسباب التي أدت إلى حمايتها وبخاصة أنها ليست كأشجار الطلح والسدر المميزة بسيقان طويلة وبأفرع يُستظل تحتها. وللعوسج ثمار تسمى في بادية نجد (المِصّيع) وفي مناطق أخرى تسمى (المِصَّاع)، والأصل فصيح ففي لسان العرب ورد أن (المُصْع والمُصَع: حَمْل العوسج وثمره، وهو أحمر يؤكل). وهذه الثمرة تكون خضراء ثم تصفّر، وعندما تنضج يكون لونها أحمر، وتعتبر غذاء لبعض أنواع طرائد الصيد من الطيور. وطعمها مقبول غير أنها تصبح حامضة إذا يبست. ويزعم البعض أن أكل (المصيع) مقو للباءة وحدة البصر.