يعجب الناظر في حال كثير من الموظفين حين يخالطهم، ويسمع مشكلاتهم، والمعوقات التي تواجه تطور أعمالهم والارتقاء بها، ويظن ببساطة وعفوية أن تلك المشكلات هي عبارة عن عجز في الميزانية، أو نقص في الموظفين، أو عدم وجود كادر لوظائفهم، أو ضعف أجورهم، ونحو ذلك من الأمور التي تعترض جُل الوظائف، والاعمال العامة والخاصة، والتي يمكن حلها، والقضاء عليها، ولكن بعد سماع تلك المشكلات المستعصية، والوقوف عليها، والتي لا يقتصر ضررها على العمل فقط بل يتعداه إلى الضرر بالمجتمع بأسره جماعات وأفرادا، قد لا يجد السامع حينها بُداً من أن يقول لمحدثه: أعانكم الله وفرج عليكم؟!، ويقول في قرارة نفسه: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا.
وقد تتساءل أخي الكريم، ما تلك المشكلات التي تستدعي مثل ذلك القول؟!
وقبل أن أجيبك استسمحك مما قد يؤذي سمعك عند سماعها، ويحزن قلبك حين قراءتها، لأن جُل تلك المشكلات نفسية سببها ضعف الإيمان، والبعد عن مراقبة الله، وتعلق القلب بالدنيا وزخارفها، وطول الأمل!
فمن تلك المشكلات:
- الوقوع بأكل لحوم الناس بالباطل، والولوغ في أعراضهم، مؤانسة للمسؤولين؟!
- الوقوع بالنميمة، ونقل كلام هذا في هذا ؛ لإفساد ما بينهما، وليخلو له الجو، وهو يتظاهر حال فعله لذلك بأن قلبه على مصلحة العمل وسمعة مسؤوله!
- الوقوع بالكذب والافتراء على من ينافسه على ذلك المنصب متى ما علم أنه تميز عليه بالعمل!
- الفرح بزلة منافسه، وتعظيمها، ولو كانت صغيرة، حتى لا تنسى من المسؤولين، وإن استطاع أن يسود بها ملفه فعل!
- التزلف إلى المسؤولين بجميع أنواع التزلف، وضع تحت جميع أنواع التزلف خطوطا كثيرة!
- إقرار المنكر الذي يقع فيه المسؤول، بل وتسويغه له بالتحايل على الدين، كل ذلك إرضاء لمسؤوله، وانتظار مدحه ومكافأته!
- ارتكاب المحرمات كالتصوير، والاختلاط بالنساء الأجنبيات، والإقرار أو غض الطرف عن سرقة أموال الدولة والعبث بها، وأكل أموال الناس بالباطل تقربا للمسؤولين!
هذه بعض المشكلات المزمنة والمستعصية، التي يقع فيها كثير من المتنافسين على المناصب، والوظائف الإشرافية، والتي تعكر جو العمل، والمجتمع المحيط به.
زد على ذلك الحسد الذي أكل قلوب كثير من المسلمين، وفتك بنسيج المجتمع، وأضعف التحامه واجتماعه!
باقة شكر: لأولئك النفر الذين يعملون بجد، واجتهاد تقربا إلى ربهم، وأداء لحقوق وظائفهم، واستعانوا بالصبر على أداء أعمالهم، وما يصيبهم من ضيق وحزن، فهم محتسبون ذلك عند الله، وقد صح الأثر بأن ذلك كفارة لهم.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا يعز فيه وليك، ويذل فيه عدوك، ويعمل فيه بطاعتك ورضاك.
جريدة الرؤية على هذا الرابط :
http://www.arrouiah.com/node/201758