بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الكريم وآله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين .
وبعد : فهذا شرح مختصر على كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد لشيخ الاسلام المجدد لما اندرس من معالم التوحيد في القرن الثاني عشر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ، فكتابه هذا كتاب عظيم لم يؤلف مثله في بيان توحيد العبادة، اثنى عليه العلماء واعتنوا به دراسة وتدريسا علما وعملا و اوصوا به .
يتألف من نصوص( الايات والاحاديث) ومسائل عبارة عن فوائد استنبطها الشيخ رحمه الله من النصوص التي ساقها ، الا ان الشرح سيكون فقط للنصوص بطريقة مختصره هي فوائد مرقمه على الباب الواحد، وقبل الشرح قدمت بمقدمة تعين على فهم هذا الكتاب حول التوحيد تعريفه وانواعه وشيء من مذاهب المخالفين فيه، وكتاب التوحيد وطريقة مؤلفه وما قاله العلماء فيه ومكانته، واما بالنسبة لترجمة المؤلف فأحيل على ست حلقات مضت بعنوان دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كتبتها في المجلس الديني .
والله اسأل التوفيق والاعانه وان يكون شاهدا لنا لا علينا والحمد لله رب العالمين .
أولا: تعريف التوحيد:
التوحيد في اللغة: الانفراد يقول ابن فارس "وحّد الواو والحاء و الدال أصل واحد يدل على الانفراد " وخصه بالانفراد الأزهري وتابعهم الزمخشري .
بينما ترده غالب القواميس اللغوية المتأخرة على ان معناه في اللغة هو الواحد .
قال في الصحاح "توحيد هو تفعيل وحّد يقال ( وحّده وأحّده ) كما يقال ثناه وثلثه ، وقال في القاموس " أي جعله واحدا " فهو مصدر وحّد يوحّد توحيدا " والمصدر هو ما يأتي ثالثا في تصريف الفعل .
فمنهم من رده الى الواحد ومنهم من رده الى الانفراد وبينهما فرق دقيق قال العسكري في الفروق " الفرق بين الواحد والفرد ان الفرد يفيد الانفراد من القرن "أي الاقتران" والواحد يفيد الانفراد في الذات والصفه" ، وكلا المعنيين صحيح، فالله تعالى واحد فرد لا شريك له.
*- تنبيه : قال بعض العلماء " ان جعل التوحيد هو جعل الشيء واحدا لا يصح لان وحدانية الله ذاتية له ليست بجعل جاعل ".
أما تعريفه اصطلاحا : هو إفراد الله بالخلق والتدبير و إخلاص العبادة له وترك عبادة ما سواه واثبات ما له من الأسماء الحسنى والصفات العليا ، وتنزيهه عن النقص والعيب ، فهو يشمل بهذا أنواع التوحيد الثلاثة ، ولو قلت إفراد الله بالإلوهية والربوبية والأسماء والصفات لصح .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله" التوحيد مصدر وحّد يوحد توحيدا يعني وحد الله أي اعتقد واحدا لا شريك له في ربوبيته ولا في أسماءه وصفاته ولا في إلوهيته وعبادته فهو واحد جل وعلا وان لم يوحده الناس وإنما سمي إفراد الله بالعبادة توحيدا لان العبد باعتقاده ذلك قد وحد الله واعتقده واحدا فعامله على ضوء ذلك "
• - والمخالفون لأهل السنة لهم توحيدهم الخاص بهم:
- فمنهم من عرّفه بأنه إفراد القديم عن المحدث.
- أو احد في ذاته وواحد في صفاته وخالق لمصنوعاته.
- أو إثبات الوحدة لله في الذات لا العقل في الخلق والأكوان .
ويجمع هذه التعريفات أنها لا تتطرق الى توحيد الألوهيه ( العبادة)، وإنما غايتها هي إثبات توحيد الربوبية الذي اقر به المشركون، ولم يدخلهم في الاسلام .
• - ولفظ توحيد ليس لفظا مبتدعا ، بل جائت به السنة كما ورد في حديث معاذ قال له النبي صلى الله عليه وسلم في بعض رواياته " ثم ادعهم الى ان يوحدوا الله ... الحديث" أخرجه البخاري.
• - أنواع التوحيد:
اشتهر عند أهل العلم ان التوحيد ثلاثة أنواع :
- توحيد الالوهيه
- توحيد الربوبية
- توحيد الأسماء والصفات
معناها:
1- توحيد الالوهيه : هو إفراد الله بأفعال العباد، وأفعال العباد هي عباداتهم سواء كانت فعليه كالركوع والسجود والطواف أو قوليه كالدعاء والاستغاثة أو اعتقادية كالتوكل والحب والخوف والرجاء ، او قولية وفعلية واعتقادية، وقد يعرف بأنه صرف العبادة لله تعالى وحده لا شريك له.
2- توحيد الربوبية : هو إفراد الله تعالى بأفعاله هو سبحانه، كالخلق والرزق والملك والتدبير فلا يخلق إلا هو سبحانه ولا يدبر إلا هو سبحانه وله الملك وحده سبحانه ، والرب من التربية والإنعام والخلق والرزق وهذه أفعال الله .
3- توحيد الأسماء والصفات:وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العليا على معانيها الحقيقية من غير مشابهة غيره له فيها أو نفيها وتعطيلها.
أما الأدله على هذا التقسيم :
فقوله تعالى ( الحمد لله رب العالمين ) تدل على الربوبية والألوهيه وقوله ( الرحمن الرحيم ) دلت على توحيد الأسماء والصفات وقوله ( مالك يوم الدين ) دلت على الربوبية وقوله ( إياك نعبد وإياك نستعين ) دلت على الألوهيه .
وكذلك في سورة الناس قوله تعالى ( قل أعوذ برب الناس ) دلت على الربوبية وقوله ( ملك الناس) دلت على توحيد الربوبية والأسماء والصفات وقوله ( الة الناس) دلت على توحيد الالوهيه .
وقسمه شيخ الاسلام الى توحيد المعرفه والاثبات وتوحيد الطلب والقصد ، وقسمه ابن القيم الى توحيد قولي وتوحيد عملي وكلها يرجع بعضها الى بعض وهي تقسيمات صحيحه .
*- أقسام التوحيد عند أهل البدع :
المتكلمون من الأشاعرة وغيرهم قسموه الى توحيد الذات وتوحيد الصفات وتوحيد الأفعال.
وأما الصوفية فقسموه الى توحيد العامة وتوحيد الخاصة وتوحيد خاصة الخاصة .
وكلها تقاسيم مخالفة لتقسيم أهل السنة .
وغيرهم من قسمها الى تقاسيم لا دليل عليها و لا ذكر لتوحيد العبادة ( الإلهية ) فيها .