وقفة مع آخر أشعار امرؤ قيس هذا العصر: دعيج الخليفة
قد نظلم الشاعر الأسطورة دعيج الخليفة عندما نشبهه بشاعر لا يصل إلى مستوى المشاعر التي يملكها , ولكن كل الشرف لامرؤ القيس عندما شبه بهذا الشاعر , وهنا سنقف مع آخر أشعار شاعر البراري والبحار دعيج الخليفة:
يقول في القصيدة التي نقلت في جريدة الوطن الكويتية بتاريخ 30/5/2007م :
حبيبتي حلوه وأموره ** أحبها موت وأعشقها
أظن أن هذا البيت يكتب بماء من *****, إذ العبارات سهلة ومنمقة ومساقة بسياق سلس , ولو جمعنا كل الكلمات لوجدنا أنها متشابهة , فحبيبتي مثل أحبها موت ومثل أعشقها , وحلوه مثلها أمورة !! ..
من حقها تصير مغرورة ** أنا بالأشواق مغرقها
يغوص هذا الشاعر في أعماق الحب في هذا البيت حتى أن محبوبته من سوء حظها لم تكن تلبس ( طفاحية ) فغرقت , ونلاحظ هنا عزة نفس المحب إذ أن غرورها لم يكن إلا لأنه يشتاق إليها , فمن مثلها .
من زينها تصير معذورة ** الله خالقها وفارقها
هنا يضيف الشاعر معلومة مفيدة وهي أن " الله خالقها " , أين شيخ الإسلام ابن تيمية ليثني ركبتيه عندك يا دعيج الخليفة , فقد أتعبت من بعدك يا هذا ...
حلوه وللزين اسطورة ** شمس بدت لي بمشرقها
فأقول أين امرؤ القيس لو يرى هذا البيت لاستبدل بيته هذا " تضئ الظلام بالعشاء كانها .. منارة ممسى راهب متبتل " ببيتك أعلاه!
روحي معاها ومسرورة ** تفهم عيوني وتسبقها
قد يحاول القارئ أن يعرف معنى هذا البيت , ووجه التلازم بين الروح والعيون , ولكن هيهات فهذا أمر يختص به فطاحلة الشعر وجهابذته , ولست هنا لأشرح ما كتب لأننا فهمنا قاصر , فيا ليت سيبويه بيننا لسألته وما أظنه بمجيب.
عن غيرها النفس محظورة ** ولا قول كلمة ولا أنطقها
هنا الأسلاك الشائكة تلعب دور في تخيل معنى هذا البيت , ووجه تكرار المعنى في ولا قول كلمة وفي لا أنطقها إذ أنهما بنفس المعنى , ولكن الشاعر أراد أن يثبت الوفاء , وهذا من البلاغة التي لا يتذوقها إلا من تعمق وخاض في أمور اللغة والشعر.
أحبها وأقول مشكورة ** تسوى عيوني وتسرقها
يبدو أن الشاعر هنا استصعبت عليها القافية وهي طبعا صعبة جدا جدا لا يكتب بها إلا من له باع في الشعر , فلم يجد كلمة يدرجها فقال " مشكورة " , ولو أنه قال " أحبها وأكتبها بطبشورة " أو " أحبها وأرقص لها الطمبورة " لكان أفضل , ولكن للشاعر رأي وله تفكير عميق.
صورة ولا مثلها صورة ** سبحانك الله خالقها
هنا يعجز اليراع أن يخط في بيان جمال هذا المعنى " صورة ولا مثلها صورة " , فاحتراما لقوة هذا البيت لا نملك إلا أن نقول " الصمت في حرم الغثاء غثاء " ..
وبالأخير لا يسعنا إلا أن نعتذر للشاعر دعيج الخليفة أن شبهناه بشاعر مثل امرؤ القيس.
ملاحظة: وعليكم بالرجوع إلى المصدر المذكور!
منقول