الشيخ عيادة ابن عجوين الرشيدي,وبعض مظاهر كرم قبيلة بني رشيد في الماضي وماهذا إلاشيئ يسير.
أثناء مسيرنا في فترة العصر ,وعندما وصلنا إلى بلاد (بني رشيد) التقينا واحداً من الشيوخ راكبا ً ناقته : كان ذلك الشيخ يستطلع منطقة المراعي التي في ذلك الجزء من الصحراء.تعرف المرافقون لي على ذلك الرجل الذي قال :
إنه سوف يوصلني إلى خيبر نظير توما.كان ذلك الرجل واحداً من أولئك الأشخاص الذين يتعين عليّ لقائهم على وجه السرعة , كان اسم ذلك الرجل عيادة بن عجوين , واحد من كبار شيوخ قبيلة بني رشيد. وهنا أشار علي المرافقون لي بالذهاب معه : " إنه رجل محترم ومعروف , على حد قولهم , فضلاً عن كونه رجلا ً قويا ً يمكنني أن أغامر بالذهاب معه في أمن وسلام ." تحركات العرب الأولى تكون صادرة من قلوبهم , وهي غالباً ماتكون أفضل ماعندهم . ولكني دار بخلدي في ذلك الوقت كلام الأمير, " أنني يتحتم عليّ الذهاب إلى قاسم بن براك شيخ بني رشيد ." الذي سيقوم بتوصيلي إلى خيبر, وأن منزل قاسم لم يعد يبعد عنا كثيرا.هذا القاسم أو إن شئت فقل هذا الجاسم . نظراً لأن هذا الأسم ينطق بصور مختلفة , وذلك اعتمادا على القبيلة التي تنطق هذا الاسم , قال عنه أولئك الذين كانوا يرافقوني,إنه شيخ كبير "وهو شيخ شبيه بابن الرشيد في بلاده". ج2م1 ,ص93
شاهدنا في الخيمة الأولى زوجة عجوز وراحت تلك الزوجة تحضر لنا بالتدريج ,ونحن جلوس في مكان بعيد عن الخيمة , طبقا من شرائح اللبن والسمن ثم أحضرت لنا ,بعد ذلك طبقا كبيرا من لبن الخض الذي يفيدنا تماما في وقت الحرارة الشديدة .قال صالح متسائلا: "ألا تستطيع أكل هذا الطعام ؟ -بني رشيد لديهم الكثير من هذا الطعام , وهم طيبون وكرماء." وقف الرجال بعد تناول الإفطار وحملوا أشياءهم فوق الأبل, - ولكنهم لم يحملّوا حقائبي! - ومضوا قدما. تكلمت مع الرشيدي الكبير,الذي كان رجلا محترما,ولكنه هز كتفيه وفرد راحتي يديه نحو الأعلى ورد قائلا: " ماالذي يمكن أن أفعله؟هذا الأمر يتعلق بصالح وحده,ووالله لن أتدخل في هذا الأمر؛ولكن لاتخف,لأن الناس هنا طيبون,ولن يصيبك مكروه وأنت بينهم ." "قال صالح عيادة بن عجوين موجود ايضا على بعد مسافة قريبة ."
- قالت الزوجة العجوز: صحيح أن عيادة قريب من هذا المكان , فقد سمعت بالأمس نباح كلابهم." في الخيمة الثانية كانت ترقد ابنة زوجها المريضة ؛ في حين كان الرجال يرعون الماشية في الصحراء بدى أن الزوجة العجوز كانت تمتعض عند ماعرفت أن صالحا تخلى عني؛ وأخيرا جاءت إلىّ تلك الزوجة العجوز وأنا أجلس وحدي ثم قالت: " لاتحزن وأنا خالتك ". وبعد ذلك مباشرة خرجت تلك الزوجة العجوز لتبلغ خبر وصولي إلى الرجال الموجودين في الصحراء.وبالقرب من هذا المكان وقع بصري على حدود فيضان بركاني , وكان على شكل نوع من أنواع البازلت : وعندما غربت الشمس, اختفيت عن الأبصار, -مخافة أن يرى الناس الغريب وهولايؤدي الصلاة وبالتالي يعرفوني جميعا.ج2م1 ,ص98
عاد الزوج إلى المنزل بعد ذلك بفترة وجيزة , وهو رجل أصم اسمه ضيف الله وقدر رحب الرجل بي ترحيبا طيبا, وتبعه ثلاثة أبناء كبار ومعهم إبلهم عائدين بها إلى البيت؛ كان معهم أيضا قطيع كبير من الأغنام والماعز, كما كان معهم أيضا عدد كبير من الحملان والتيوس.وأحضر لي ضيف الله , عندما كنا نتحلق حول نار المساء, سلطانية من حليب المساء, بعد تسخينه .شكرت الرجل ودعوت له بالبركة وقلت له : إن هذا هو أفضل أنواع الغذاء. " أجابني الرجل قائلا : نعم , إنه بعد غليه يدخل العظم تماماً." وعندما علم ذلك الرجل بخبر تخلي رفاقي عني تعجب الرجل قائلا : "بالله لو كانوا هناء , لقطع أعناقهم ." كان ذلك الرجل رقيق الحال, غاية في الكرم والاحترام.هولاء الناس كانت قلوبهم عامرة بإنسانية الصحراء. قال مضيفي الطيب إنه سوف ينقلني في الصباح إلى عيادة بن عجوين,الذي سيقوم بدوره بإرسالي إلى خيبر. كان الليل حالك الظلام,وانفجرت السحب المنخفضة علينا بالمطر والبرق . قلت لضيف الله , "الله ينزل بركاته من جديد على الأرض." - رد عليّ الرجل رداً يوحي بالتدين " نعم,صدقت." -يالحسن هذا المكان ! وأنعم بالسلام الذي يسوده ويخيم عليه ! هذه البقعة الصغيرة من أرض البدو والتي تقع أسفل قماش الخيمة المصنوع من الصوف الخشن , ويتساقط المطر من خلال ثقوبه , وذلك بالمقارنة مع بلدة حائل! ج2م1,ص99
سرنا مدة ساعة وصلنا بعدها إلى منزل عيادة , وكانت الخيام البدوية المصنوعة من الصوف الخشن منصوبة في تجويف على شكل رف يطل على منظر طبيعي من الأرض الجرداء الخراب في الناحية الجنوبية : شاهدت ظلاما شاسعا خلف ذلك المنظر , - هذا السواد كان عبارة عن حرة أخرى (أو بالأحرى حرة خيبر) - كما شاهدت أيضا جبالاً من صخور الجرانيت وردية اللون كانت الأحجار الرملية, تمتد على شكل لسان بين الجبال البللورية ومحملة بالحمم البركانية,وتمتد لتصل خيبر من الناحية الجنوبية.-قال ضيف الله : عندما نصل إلى خيامهم على مختلف مواقعهم , فسوف تتولى أنت الحديث إلى الناس : قل لهم إنك مداوي جئت من حائل , وأنك تود الذهاب إلى خيبر؛ وقابل ريالين اثنين سوف تجد شخصا يوصلك إلى هناك . ج2م1 ,ص100
وصلنا إلى مبتغانا , وهناك قدمني ضيف الله للشيخ عيادة ؛ (قال) إنني كنت مداوياً باراً- وبعد ذلك أخذ جمله وأنصرف لحال سبيله. كان عيادة واحدا من شيوخ قبيلة بني رشيد,وكنت قد رأيته قبل يومين وهويستطلع الصحراء: - ولربما فهم عيادة عندئذ (من كلام الرجل المتشدد) إنني لم أكن مسلما حقيقيا, والسبب في ذلك أنني عندما ألقيت عليه التحية , وقلت له : إنني سوف أذهب معه إلى خيبر , استقبلني استقبالا خشنا . كان الرجل صاحب بنية قوية . عيادة : " حسن,لقد قلتها بالأمس,وأنا لايمكنني أن أرسلك إلى خيبر." كان هناك بعض الرجال يجلسون أمام خيمة عيادة - " ياهو! قال الرجل , من منكم سيقوم بتوصيل هذا الرجل إلى خيبر , ويحصل منه على ثلاثة ريالات ." ؟ أجاب واحد منهم قائلا : " سوف أنقله إلى هناك , إذا ما أعطاني هذه النقود." وافقت على ماقاله ذلك الرجل, وهنا ضمن الشيخ عيادة أن ذلك الرجل لن يتخلى عن رفيقه , مثلما فعل غيره من قبل . قائلا : " لاثق بي, هذا غصيب , واحدا من الشيوخ, وهو رجل شجاع ومقدام." قلت : " وأنت ياغصيب , أقسم بحياة هذا الساق من العشب , أنك لن تتخلى عني, أنا رفيقك ,إلا بعد أن توصلني إلى خيبر!" - قال غصيب : " أقسم على أني سأوصلك إلى خيبر , اللهم باستثناء إذا ماوافتني المنية." قال عيادة : " إن لديه ناقة أيضا , وهذه الناقة تستطيع الطيران كما لو كانت طائرا من الطيور ." ج2م1,ص101
وصلنا خلال فترة العصر إلى هضبة من الحجر الرملي تقف مثل جزيرة من القمم الصخرية وسط الحرة البازلتية ,ظن الرفيقان أننا كنا مخطئين, عندما نظرا إلى مسافة بعيدة عبر الأرض البركانية ولم يريا أحدا من العرب.من أرض مرتفعة أخرى حسبا أنهما رأيا قطيعا من الإبل على جبل بعيد: ولكني عندما نظرت من خلال نظارتي لم أر ذلك القطيع! سرنا في ذلك الاتجاه , وشاهدنا بدويا مترحلا جالسا على مقدمة صخرة بركانية يرعى إبله. وقف ذلك الرجل وجاء للقائنا ؛ " يصيح الرجل ماهو!خليل، أجئت إلى هنا مرة ثانية؟" تعرفت الصوت , وتيقنت أن الرجل هو عيادة بن عجوين, شيخ بني رشيد, الذي عبرت منزله بصحبة غصيب الحرة كي أصل إلى خيبر!
حياني عيادة ولكنه تساءل عن رفاقي, وكانا غرباء عليه ولزما الصمت .وتلك هي عادة الصحراء, عندما يلتقي البدو الرحل بعضهم البعض ويتشككون في بعضهم البعض إن كانوا أصدقاء أم أعداء.وهنا قال : "ياخليل,من يكون هذان اللذان معك؟" -"اسألهما بنفسك." قال: "حسن,ياشباب,من أية قبيلة أنتما, -أظن أنكما من خيبر؟" ردا عليه," نحن من العقيل وقد أوفدنا باشا المدينة (المنورة) لتوصيل خليل إلى بن الرشيد." - قال : "ولكني أرى أنكما من البدو تماما, وأنا أسألكما أي بدو؟ - أجاب عياد, "يافلان نحن لم نذكر الاسم لاحتمال أن يكون هناك نزاع بين قبيلتينا ." قال عيادة: " أهو! أهذا هوما تخشاه؟ لاتخافوا من شئ (واستخف بهما الأثنين ) . قال عيادة : "حسن أحسب أنكم جميعا ظمأنين ؛ سوف أحلب لك أولا ياخليل, ثم لهذين الرجلين من بعدك , هذا إن كانا يريدا أن يشربا الحليب!" وبعد أن شرب رفيقاي رد عليه عياد, " أقول لك الآن ؛ إننا من البشر. "- قال عيادة : " هذا يكفي,إننا أصدقاء؛ وأنت نصراني ياخليل, فكيف استطعت أن ترى خيبر؟" قلت : "إنها مكان لعين." قال عيادة :" لماذا ذهبت إلى هناك ,ألم أحذرك من ذلك ؟" - أين غصيب؟" - أجبت إنه ليس بعيدا عن هنا وهو بخير." قال عيادة : "وأنا لا أعرف كيف حدث ذلك,وأنك ستأخذ منه ناقته." (قال موجها كلامه لرفيقاي) : " الأرجح أن خليلا رجل صادق وأمين؛ والأدوية التي اشترتها منه نسائنا ونساء أعراب القصيم , يقولون عنها : إنها مؤثرة ومفيدة . فما رأيكما فيه ؟ أهو رفيق طيب؟" - اجابا " نعم هذا شي لابد أن نقر به , بالرغم من أنه نصراني! ولكن دلنا أين بمكن لنا العثور على بيوت الأعراب. (يقف الرجل ويشير بإصبعه ) هناك في الخلف, اسلكوا الطريق المنخفض , من هذه الناحية؛ ولاتنحرفوا عن الطريق وستصلون إليهم عند غروب الشمس .وقد أذهب أنا إلى هناك في فترة المساء, ثم أركب دابتي معكم صباح باكر إلى حائل ." - تعجبت من ذلك الشيخ الذي يرعى إبله بنفسه! ج2م1 , ص 327,326,325
تربى رفيقي عياد العنزي, بعيداً عن قبيلته,بين شمّر , وفي هذه الديرة بالذات التي نحن فيها الآن. كان أبوه شيخاً من الشيوخ الكبار , وذات يوم قام غزو قوي من قبيلة بني رشيد بالاستيلاء على إبله من منزله , وجرى عياد من بين من جروا لملاقاة ذلك الغزو. هولاء الرشايدة (أولئك البدو الرحل الذين تربوا على الحليب ) أصحاب أجسام قوية ومحاربين أشداء,؛ يضاف إلى ذلك أنهم مسلحين تسليحاً جيداً, أفضل من تسليح البدو, كما أن الكثيرين منهم رماة مهرة. حمل عياد رمحه أمام اثنين من ركاب النياق , وقد أصابت طلقة من الطلقات خصلة شعره وأطاحت بها؛ وكان عيادة بن عجوين ضمن هذه الغزوة مع هولاء القوم الغائرين. ج2م1 , ص343
المصدر: ترحال في صحراء الجزيرة العربية (ج1,مج2),تأليف تشارلز م.دوتي
آخر 10 مشاركات
الشيخ عيادة ابن عجوين الرشيدي في المصادر الأجنبية القديمة
العرض العادي
