نقلها مؤلف ابجد العلوم رحمه عن الإمام ابن الوردي في تاريخه
من كتاب ابجد العلوم
""
قال ابن الوردي
قال ابن الوردي: وفيها، أي: سنة 723، ليلة الإثنين والعشرين من ذي القعدة، توفي شيخ الإسلام ابن تيمية - رضي الله عنه - معتقلا بقلعة دمشق، وغسل، وكفن، وأُخرج، وصلى عليه أولا: بالقلعة الشيخ محمد بن تمام، ثم: بجامع دمشق، بعد الظهر، من باب الفرج، واشتد الزحام في سوق الخيل، وتقدم عليه (3/ 135) في الصلاة هناك أخوه، وألقى الناس عليه مناديلهم وعمائمهم للتبرك، وتراصّ الناس تحت نعشه، وحضرت النساء خمسة عشر ألفا، وأما الرجال، فقيل: كانوا مائتي ألف، وكثر البكاء عليه، وختمت له ختم عديدة، وتردد الناس إلى زيارة قبره أياما، ورؤيت له منامات صالحة، ورثاه جماعة.
قلت: ورثيته أنا بمرثية، على حرف الطاء، فشاعت، واشتهرت، وطلبها مني الفضلاء والعلماء من البلاد، وهي:
عثا في عرضه قوم سلاط ** لهم من نثر جوهره الالتقاط
تقي الدين أحمد خير حبر ** خروق المعضلات به تخاط
توفي وهو محبوس فريد ** وليس له إلى الدنيا انبساط
ولو حضروه حين قضى لألفوا ** ملائكة النعيم به أحاط
قضى نحبا وليس له قرين ** ولا لنظيره لف القماط
فتى في علمه أضحى فريدا ** وحل المشكلات به يناط
وكان إلى التُّقى يدعو البرايا ** وينهى فرقة فسقوا ولاطوا
وكان الجن تفرق من سطاه ** بوعظ للقلوب هو السياط
فيا لله ما قد ضم لحد ** ويا لله ما غطى البلاط
هم حسدوه لما لم ينالوا ** مناقبه فقد مكروا وشاطوا
وكانوا على طرائقه كسالى ** ولكن في أذاه لهم نشاط
وحبس الدر في الأصداف فخر ** وعند الشيخ بالسجن اغتباط
بآل الهاشمي له اقتداء ** فقد ذاقوا المنون ولم يواطوا
بنو تيمية كانوا فبانوا ** نجوم العلم أدركها انهباط
ولكن يا ندامة حابسيه ** فشك الشرك كان به يماط
ويا فرح اليهود بما فعلتم ** فإن الضد يعجبه الخباط
ألم يك فيكم رجل رشيد ** يرى سجن الإمام فيستشاط
إمام لا ولاية كان يرجو ** ولا وقف عليه ولا رباط
ولا جاراكم في كسب مال ** ولم يعهد له بكم اختلاط
ففيم سجنتموه وعظتموه ** أما لجزا أذيّته اشتراط
وسجن الشيخ لا يرضاه مثلي ** ففيه لقدر مثلكمُ انحطاط
أما والله لولا كتم سري ** وخوف الشر لانحل الرباط
وكنت أقول ما عندي ولكن ** بأهل العلم ما حسن اشتطاط
فما أحد إلى الإنصاف يدعو ** وكلٌّ في هواه له انخراط
سيظهر قصدكم يا حابسيه ** وننبئكم إذا نُصب الصراط
فما هو مات عنكم واسترحتم ** فعاطوا ما أردتم أن تُعاطوا
وحلوا واعقدوا من غير ردّ ** عليكم وانطوى ذاك السباط