يقول علماء اللغة إن «الشيء» كلما كان معروفا ومشهورا كثرت أسماؤه وتعددت صفاته في اللغة الواحدة. وحين نتأمل أسماء الأسد في لغة العرب (أيام الجاهلية) نجدها قد تجاوزت الخمسمائة اسم وصفة.. وهذا الكم الهائل من الأسماء دليل على كثرة الأسود وتنوعها وقربها من حياة الناس في ذلك الوقت - بل وانتشارها في كافة المناطق كونها عرفت بأسماء متمايزة لدى القبائل المختلفة..
وبهذا الخصوص يقول المؤرخ المعروف ابن خالَوَيْة:
... أسماء الأسدِ في لغة العرب زهاءُ الخمسمائةِ اسمٍ؛ منها: اللَيْثُ، والضَّرْضمُ، والفِرْناسُ، والقَرْقوسُ، والرِّيبالُ، والهَيْصَمُ، والمُتَزَنْجِرُ، والأَغَمُّ، والأَهْزَمُ، والضِّرْغامُ، والضَّمْضَمُ، والضُّبارِمُ، والباسِلُ، والمُخْدِرُ، والخاذِرُ، والصِّلْدِمُ، والشَّتيمُ، والغَضوبُ، والغَشُومُ، والغَشَمْشَمُ، والقَمُوصُ، والقَمْقامُ، والعادِي، والعَزَّامُ، والمُزَعْفُرُ، والهَضَّامُ، (.... الى نهاية الخمسمائة اسم)!!
ورغم أن بعض هذه الأسماء كان منتشرا أكثر من بعضها الآخر إلا أن معظمها كان معروفا زمن الجاهلية (كما تدل على ذلك أشعار العرب ومروياتهم). وهذه الظاهرة اللغوية لا تعد فقط دليلا على كثرة الأسود في ذلك الزمن بل وعلى تأثيرها على حياة الناس وتداخلها معهم بشكل مباشر -لدرجة أن عنترة بن شداد كان يتبجح بصراعه معها «في الرايح والجاي»!!
- والسؤال المحير هنا:
أين ذهبت أسود الجزيرة العربية!؟.. وكيف انتشرت أصلا لو لم تكن المنطقة (حينها) عامرة بالفرائس والحيوانات النباتية!؟
... فمن المعروف أن الأسد من فصيلة السنوريات الضخمة التي تتغذى على اللحوم وتقف على رأس الهرم الغذائي في مملكة الحيوانات.. بمعنى أن وجودها وانتشارها - في أي منطقة - مرهون بوجود قدر كبير من الفرائس تحتها تتغذى عليها وتستمر من خلالها (كالغزلان والظباء والنعام والحمُر الوحشية). وأمر كهذا لايتأتى إلا في بيئة حياتية مزدهرة ومتكاملة لا تختلف عما نراه اليوم في الغابات الاستوائية (حيث يحتاج قطيع الأسود الواحد الى مساحة لاتقل عن 40 كلم مربعاً من الفرائس المختلفة).. وهذه الحقيقة تعني أن جزيرة العرب لم تكن في الماضي مليئة فقط بالأسود و«الضراضم»؛ بل وكانت أيضا خضراء نضرة تعج بمختلف المخلوقات والحيوانات النباتية (وجاء في كتب التراث أنها كانت تضم من الأنهار والثمار حد ان المسافر يقطع المسافة من اليمن الى الشام بدون ان يتزود بالطعام - حتى قال الذين ظلموا أنفسهم ربنا باعد بين أسفارنا) !
... واختفاء الأسود من الجزيرة العربية - مقابل بقاء أسمائها في كتب التراث وأشعار العرب - دليل على مرور المنطقة بحالة تصحر طارئة وحديثة نسبيا (خصوصا بعد حفر قناة السويس وعدم قدرة الحيوانات الإفريقية على الهجرة شرقا).. بل يمكن القول إن حالة التصحر والجفاف التي نعيشها حاليا هي حالة استثنائية - وغير مسبوقة - وإن الازدهار النباتي والحيواني كان هو الحالة السائدة خلال العصور الماضية (بدليل وفرة طبقات النفط الجوفية التي يحتاج تشكلها الى ملايين السنين)...
بقي أن أشير الى حديث صحيح - يؤكد هذه الحقيقة - يقول فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تعود جزيرة العرب غابات وانهارا»...
ولاحظ هنا استعمال كلمة «تعود» (وليس «تصبح» مثلا) كدليل على رجوع جزيرة العرب الى وضع كانت عليه منذ الأصل!!
موضوع منقول
صور أسود مفترسة جدا
الله يكفينا شر الاسود تخيل لو كنت مكانهم وش تسوي
أين ذهبت الأسود من الجزيرة العربية !؟
العرض العادي
