وعند جهينة الخبر اليقين
خرج الأخينس الجهنيّ فلقي الحصين العمريّ، وكانا جميعاً فاتكين، فسارا حتى لقيا رجلاً من كندة في تجارة أصابها من مسك وثياب وغيرذلك، فنزل تحت شجرة يأكل، فلما انتهيا إليه سلّما. قال الكنديّ: ألا تضحّيان? فنزلا. فبينما هم يأكلون مرّ ظليم (ذكر النعام) فنظر إليه الكنديّ وأيّده ببصره فبدت له لبته، فاغترّه الحصين فضرب بطنه بالسيف فقتله، واقتسما ماله وركبا، فقال الأخينس: يا حصين ما صعلة وصعل ? قال: يوم شرب وأكل. قال: فأنعت لي هذه العقاب. فرفع رأسه لينظر إليها فوجأ بطنه بالسيف فقتله مثل قتله الأوّل. ثم إن أختا للحصين يقال لها صخرة لما أبطأ عليها خرجت تسأل عنه في جيران لها من مراح وجرم. فلما بلغ ذلك الأخينس قال:
وكم من فارس لا تزدريـه
إذا شخصت لموقفه العيون
يذلّ له العزيز وكـل ليـث
شديد الهصر مسكنه العرين
علوت بياض مفرقه بعضب
ينوء لوقعه الهام السّكـون
فأمست عرسه ولها عليـه
هدوء بعـد ليلتـه أنيـن
كصخرة اذ تسائل في مراح
وفي جرم وعلمهما ظنـون
تسائل عن حصين كل ركب
وعند جهينة الخبر اليقيـن
فذهبت مثلاً.
المصدر : عيون الاخبار - عبدالله بن مسلم بن قتيبه الدنيورى