من أجمل أبيات الحسرة وخيبة الظن في الشعر الشعبي هو بيت السديري .. جميل المعنى خالد الذكر
لا خاب ظنك بالرفيــق الموالي ... مالك مشاريهـ(ن) على ( نايد ) الناس
وفي رواية أخرى
لا خاب ظنك بالرفيــق الموالي ... مالك مشاريهـ(ن) على ( باقي ) الناس
والفرق بين الروايتين لا يتجاوز مفردة واحدة في عجز البيت ..
فهناك من يجعل المفردة ( نايد ) وهناك من يجعلها ( باقي )
وبين باقي ونايد .. دعونا نبحث في المعنى والتوظيف واللفظ .. لنعرف من الأحق والأفضل أن يتبوأ رائعة السديري
ذي بدء ... يجب التعريف السياقي واللفظي لمعنى ( نايد ) و ( باقي )
نايد .. هو البعيد القاصي .. فيخرج منه القريب والأخ والعم والصديق القريب .
باقي.. هو ما عدا المذكور .. يعني الجميع دون استثناء .
الشاعر هنا يسكب بيتاً من أجمل ما قيل في الحسرة وخيبة الظن .. ولا مشاحة في أن الشاعر ينشد المبالغة في الحسرة والألم حين خاب ظنه في رفيقه الموالي والقريب إلى قلبه ، فحين نقول ( نايد الناس ) .. يقتصر المعنى على البعيد من الناس فقط .. فأنت لا تشره على البعيد حين خانك رفيقك الموالي ، وأخبروني يا سادة أين تكمن البلاغة في هذا التوظيف ، بداهة .. البعيد من قلبك ومشاعرك وصداقتك كثيراً ما يخيب ظنك فيه ، بل وفاء البعيد هو مدعاة الغرابة والعجب .
ولا يحتمل إطلاقاً أن يكون المقصود بعيد المكان فقط ، لأن الكلمة المضادة الرفيق الموالي .
لكن مع كلمة ( باقي الناس ) .. يتغير المعنى إلى الأجمل والأبلغ .. فالشاعر بعد أن خاب ظنه برفيقه الموالي بلغت به الحسرة وخيبة الظن أن زهد في الجميع وهم باقي الناس .. فلا أخ ولا أب ولا عم ولا شي آخر يمنحه العزاء ويستحق التشرّه بعد خيبة الظن في صديقه الموالي ،.. وبداهة فالصداقة كثيراً ما تكون أقوى من كل شي ، فالجميع في سلة واحد ولا عزاء بعد صديق وصاحب
زبدة الهرج
- لفظ ( نايد ) .. أجمل جرس وإيقاع في نطق البيت من لفظ باقي ... ولست أشك في ذلك
- لفظ ( باقي ) .. أبلغ معنى بكثير من نايد وأكثر تأثيراً في تقمص التأثر وما يعتلج في قلب الشاعر .
وحين أضع جمال اللفظة الواحدة في كفة .. وبلاغة البيت بكاملة في الكفة الأخرى .. أجد بلاغة البيت بكاملة تطيش في جرس اللفظة المفردة
فـ ( باقي ) أبلغ من ( نايد )
منقول للفائدة
http://www.buraydh.com/forum/showthread.php?t=139214